التاريخ : 2020-08-23
الجامعات وإنهاء الخدمات
د.مهند مبيضين
قبل نحو شهرين قررت الجامعة الأردنية انهاء خدمات زملاء لم ينتجوا أبحاثاً، يومها طال الجامعة الأردنية الكثير من النقد واستحوذت بخطوتها على نقاشات الكثير من المهتمين.
وأرى هنا وقد جمد القرار، أنه من المهم اعادة فتح الفكرة بضرروة الغربلة في الكادر التعليمي، وكذلك الوظفيي ، علماً أنه بمؤسسات الحكومة تم ادراج شرط في ترقية الموظفين لدرجات عليا بنشر بحوث محكمة في مجال العمل، واظن نحن في كادرنا الوظيفي بحاجة لذلك فالتقييم السنوي الموجود لا يقيس أي مهارة.
أما ما ذهبت إليه الجامعة الأردينة من محاسبة او التلويح بذلك، لاعضاء الهيئة التدريسية على مسارهم في النشر، كون بعضهم قضى سنوات دون نشر ولم يتقدم في الدرجات العلمية المطلوبة، هو شكل من أشكال التحفيز وليس القصاص.
صحيح أن جدلية الأمر تنطوي على حجة قد تكون مبررة من قبل بعض المتضررين في حينها، ومنها أن الجامعات لا توفر لهم المناخ البحثي، ولكن هذه حجة لا معقولية لها، خاصة إذا ما علمنا ان بعض المتأخرين بحثيا في الأردنية وغيرها بعضهم خريجو جامعات غربية، ولم يبذلوا الجهد الكافي للاسهام البحثي المطلوب، ولم يكتب بحثا واحدا باللغة التي درس بها، كل هذا مع الاقرار بأن المناخ البحثي يجب ان يكون افضل وان دعم البحث العلمي قليل.
أما جلّ الذين لا ينشرون، فهم يلهثون وراء التدريس والمواد الإضافية؛ لأن له مردودا ماليا سريعا، وهذا يؤثر على مسعى البحث العلمي لديهم بلا شك.
قرار الجامعة بالفصل في حينه كان يطال من لم ينشر بحثا علميا خلال خمس سنوات، والاستثناء لمن تقلد مناصب إدارية جامعية، هو استثناء غبر مبرر؛ و ذلك لأن هذا الامر ايجاب وقبول، وعلى من يشغل مواقع إدارية تقسيم مسؤولياته وأولوياته العلمية والبحثية ويوائم بينها، وهناك من يزداد نشاطه البحثي مع المهام الإدارية.
لا بدّ أيضا من التذكير بأن من يتم فصلهم قد يفتحون الباب لتعينيات جديدة وضخ دماء في الاقسام العلمية، وهؤلاء الذين لا ينشرون الابحاث وحلفائهم من حراس الأقسام يقاومون التعينيات الجديدة؛ لأن ادخال وجوه جديدة قد يضر بمكاسبهم من الدروس الإضافية التي يدرّسونها فوق النصاب المقرر.
لكن، ثمة مشكلة يجب حلها من قبل إدارة الجامعة لدعم البحوث، وهي وقف حصر او تفضيل المجلات المنشورة على سكوبس دون غيرها، فثمة مجلات علمية محكمة تصدر ورقياً ذات جودة عالية اكثر بكثير من بضاعة متجر اقطاعية سكوبس التي ارتهن اليها البعض من الجامعات وصارت بقرة مقدسة.
الجامعات تقول أنها تريد «بحثاً او نشراً علمياً مقبولا لديها»، وهذا شكل من الهيمنة السلطوية يجب حله، فالعبارة مطاطة، ماذا يعني انه مقبول لديها؟ يجب حل الأمر بلجنة خبراء تحدد مواصفات البحوث والكتب المنشورة المقبولة، كي لا تكون هناك مزاجية بالأمر، ثم أن الاهم فك البؤس برفض الكتب المنشورة واحترامها، كونها جهدا علميا، ولا اتحدث هنا عمن يجمعون بحوثهم التي نشرت في مجلات او من ينشرون مقالاتهم في الصحف ويضعون لها عناوين كبيرة مثل مقامات الصمود وفي زمن القعود. وعلينا التذكير بأن مجلة دراسات العتيدة نشرت بحوثا لزملاء مضطرين نحو الترقية او غيرها بمدد وجيزة، وهذا حدث في ظروف سابقة وكارثية.
للأسف أننا لم نسمع رأياً داعماً لمجلس أمناء الأردنية بامر انهاء الخدمات المشار إليه، كون هذا الأمر ضروريا للسمعة العلمية للجامعات، ولم نسمع كذلك رأي الجمعيات الأكاديمية المتخصصة في تلك القرارات حتى وإن جمدت.
(الدستور)